قنوات الأطفال العربية الآن و صناعة الغباء

قنوات الأطفال العربية الآن و صناعة الغباء
Photo by Scott Rodgerson / Unsplash

Table of Content

فى الثمانينات و التسعينيات كانت المنتجات التى تستهدف الأطفال جلها مدبلجة برعت فيها عشرات الأستديوهات بالعراق و سوريا و الأردن و لبنان , فكان هناك منتجات مختارة بعناية فائقة من المنتجات الغربية و اليابانية تحديداً , كان معظم المنتجات المترجمة هى منتجات جادة , تحفل بالخيال العلمى و الأكشن و الحرب أحياناً , كانت القصص تصمم بشكل ليخاطب عقلية الطفل و يزرع مفاهيم معينة حسب نوع القصة و الشريحة المستهدفة من الأطفال , فكانت القصة هى المقياس و المعيار الأول حينها  , كان يمكن صناعة طفل يفكر بخياله متفتح الآفاق و الملكات و حسب المفاهيم التى توجه له تتمكن من المساهمة فى تشكيل شخصيته .

العشر سنوات الماضية امتلئ التلفاز بعشرات القنوات التى تستهدف الأطفال و  مئات المنتجات المدبلجة و المًنتجة محلياً فضلاً عن الأغانى و الأناشيد و غيرها و بالرغم من تطور الرسوم و الجرافيك و المؤثرات البصرية و الصوتيه إلا أنها صارت بانحدار عنيف فى مستوى القصة و المفاهيم الموجهة للأطفال و حتى الموسيقى التى تصاحب القصة انحدر مستواها بشكل غريب , ربما لأن السبب الأساسى كان استخفاف صناع هذه القصص و المنتجات بعقول الأطفال و قدرتها على التحليل و الحدث فظنوا او خططوا عن عمد لجذب الأطفال للألوان و الرسوم و استخفوا بتقديم القصص و تصميمها .

مجرد المقارنة بين منتجات الثمانينات و التسعينيات و المنتجات الموجهة على قنوات الأطفال أو قنوات الإستخفاف بعقول الأطفال  هى أمر مفزع للغاية ففضلاً عن الذوق السيئ فى كل شئ و القصص الرديئة التى تستخف بعقول الأطفال و حتى الموسيقى التى لا تراعى او كأنها تتعمد أن تدمر الذوق الحسى و السمعى  للأطفال أو حتى اللغة العربية التى لم يعد يراعيها هؤلاء , فهى لا تقدم أى شئ إلا تدمير ذوق الأطفال و قدراتهم التفكيرية و تصنع أجيالاً جديدة من الأغبياء ... فالطفل يبدأ بالعيش فى عالمه الخيالى الفانتزى بعيداً عن الواقعية و مدفوعاً بعيداً عن التفكير فى أمور الخيال العلمى و هذا ما تصنعه قصص الخيال العلمى و غيرها و يجد نفسه محشوراً فى مستويات تافهه بمقاطع كوميدية لا تعلمه حتى السخرية و قصص غير مكتملة الأطراف و تحريض على الغباء و صناعة الغباء فى عقله ..

التفوق الحقيقى لهذه المنتجات رديئة القصص و بشعة التصميم و الشخصيات و التى لا تهتم بصنع ملامح للشخصيات و عديمة الذوق و الحس فى الألوان و المؤثرات السمعية و فاسدة المفاهيم إن لم تكن معدومتها , كان فى الجرافيكس و الرسوم , فبالرغم من تفوق أدوات إنتاج الرسوم و الجرافيك إلا أنهم قد فشلوا فى إنتاج ما يناسب الأطفال بل راعو تعقيد الجرافيك و الرسوم المستهدفة و هذا التفوق الوحيد صنع فارقاً متعمداً بين قبول الطفل للقديم فعند محاولتى عدة مرات لعرض بعض ما نشأنا عليه لبعض الأطفال فى الثمانينات و التسعينات كانو يرفضونه و لا يتقبلونه بسبب مقارنة الجرافيك برغم بساطة الألوان , فالمنتجات الآن قد نجحت فى إقصاء و عزل منتجات الأمس عن الطفل الذى سيقارن الجرافيك و لن ينتظر لانتهاء المسلسل أو البرنامج ليحكم على القصة و الحدث و ينتظر نهاية المعركة ليحسم أمره من النتيجة . هذه المعضلة ستجبر من يريد عرض منتجات الأمس على إعادة إنتاجها مرة أخرى بتقنيات اليوم . حتى تنافس جدية الأمس تفاهة اليوم . أو على الأقل إيقاف بث سفه اليوم لفترة ما لصنع مساحة راحة نفسية  لا بأس بها  و إعادة تصفير  و إعادة بث القديم  المدبلج فعلاً و الجاهز مرة أخرى .

شركات الدبلجة و تعمد دبلجة و اختيار التفاهة .

فى واقع الأمر فالمنتجات الغربية و اليابانية تحديداً الموجهه للأطفال تحتوى كل شئ تقريباً مما ذكرته آنفاً و لكن شركات الدبلجة العربية و قنوات الأطفال العربية تتعمد دبلجة التفاهة و السفه و عرضه على الأطفال فى إطارها للإستخفاف بالطفل العربى  و تأكيداً لدورها فى صناعة الغباء و الطفل الغبى الذى ينشئ على سبونج بوب و غيرها لا على واقعية الحرب و ما بعد الحرب و واقعية القصص الإجتماعية و الخيال العلمى . و فى هذا فإن شركات الدبلجة هذه لا تستخف فقط بالأطفال التى تستهدفهم بل فى آباء هؤلاء الأطفال أيضاً و الذى يتركون ابنائهم فريسة سهلة طيعة لهذه القنوات بمنتجاتها المستوردة المختارة التى تصنع من أطفالهم مجرد أغبياء حقيقين بلا خيال حقيقى و بلا تقبل لواقعية الشارع .




فى هذا المقال لن نذكر مقارنات كثيرة بين أسماء الأن و لكن لنذكر بعض  منتجات الأمس التاريخية و التى شهدتها عدة مرات منذ كان عمرى ٥ سنوات , فابحثوا عنها على اليوتيوب و شاهدوا بعض حلقاتها الأولى و حاولوا المقارنة بين ما يشاهده أطفالكم اليوم من سفه و ما تربينا عليه بالأمس و احكموا بأنفسكم .



الغواصة الزرقاء

مسلسل خيال علمى حربى عسكرى , بقصة مصممة جيداً بشخصيات تم بنائها بشكل تدريجى لترسم صورة عن كل شخصية  , بغواصة و حاملة طائرات فى نفس الوقت تحولت إلى سفينة فضاء لتحارب غزاة فضائيين .

أهم مفاهيم هذا المسلسل كانت : التعاون , مسؤولية الحدث , و دور الفرد فى المنظومة و طاعة الأوامر و مفاهيم القيادة و لكن لعل أهم ما قدمته هى كيفية تحويل طلاب مدنين إلى مقاتلين عسكريين لكل منهم دور و وظيفة .

بإمكانكم المقارنة بأنفسكم فى أول عشرة حلقات من المسلسل ستنتبهون للفرق و عليكم أيضاً مقارنة المنتج السمعى و الموسيقا التصويرية المصاحبة للمسلسل لتعرفوا بأنفسكم كيف تفسد منتجات الحاضر ذوق الأطفال السمعى و تدمره و كيف تصنعه منتجات الأمس .

هذا المسلسل يصلح للأطفال من ٥ سنوات فما فوق .


البعض قد يعتبر هذا المسلسل صعباً للأطفال تحت الخمس سنوات حسناً فهنا مسلسل آخر للأطفال مليئ بالخيال العلمى صممه و رسمه و بني شخصياته د أوسامو تيزوكا و هو منتج مسلسلات للأطفال و مبتكر شخصيات و منتج أفلام و طبيب بشرى فى نفس الوقت   و  لعل هذا المسلسل هو أهم منتجاته : " كوكى العجيب " و قد تم دبلجته للعربية و عرضه فى الثمانينات بعدة دول عربية .




لا داعى لذكر الكثير من الأمثلة هنا فيكفى مثالين فقط للمقارنة السريعة بين ما يٌقدم اليوم من منتج غث بدون قصة أو خيال حقيقى أو ارتباط بالواقع أو مفاهيم الخير و الشر و غيرها و بين ما قٌدم الأمس لأطفال الأمس ... و لكن المقارنه الحقيقية للآباء و الأمهات ستكون فى خلل فى التواصل العنيف بين أطفال الأمس أبآء اليوم و أطفالهم اليوم بسبب ما يشاهدونه على شاشات قنوات تستهدف صناعة الغباء لا صناعة جيل  ريادى و لعل ما قد يدق نواقيس الخطر الحقيقية هى أن ما يحاول الآباء زراعته فى عقول و نفوس  أبنائهم اليوم لأسابيع و ربما شهور تدمره حلقة واحدة لمسلسل مهترئ القيم,  فاسد المعايير , عديم القصة , رديئ الشخصيات يكون أكثر تأثيراً من نصائح و توجيهات الأباء .


على الهامش :

لأسابيع كنت أشاهد قنوات الأطفال العربية و التركية ,  و القنوات التركية حالها أسوأ بكثير من القنوات العربية فالمنتجات التركية المحلية التى تستهدف الأطفال لا يوجد أفضل منها فى الجرافيك و المؤثرات الصوتية و البصرية و لا يوجد أفضل منها فى الإستخفاف بعقول الأطفال و أهليهم , فلدينا المثل الشعبى فى تركيا محافظة أفيون - الشهيرة بانتاج مخدر الأفيون - بأنهم يخلطون المخدر مع حليب الطفل حتى لا يزعجهم بكائه و الآن يكفى فقط أن يتركونه أمام تلفاز مفتوح بأحد قنوات الأطفال المحلية ليتسمر أمام الشاشة .



روابط :

الغواصة الزرقاء - Space Carrier Blue Noah

IMDB : http://www.imdb.com/title/tt0997137/

Wikipedia : https://en.wikipedia.org/wiki/Space_Carrier_Blue_Noah


رابط حلقات الغواصة الزرقاء باللغة العربية

الغواصة الزرقاء الحلقة 1

الموسيقى التصويرية للغواصة الزرقاء .

Blue Noah Opening

كوكى العجيب : Jetter Mars

Wikipedia : https://en.wikipedia.org/wiki/Jetter_Mars



هل أنت مُستعد لاختبار موقعك و تطبيقك؟ لماذا تحتاج إلى مختبر طرف ثالث لأنظمتك؟?

لا تفترض فقط أن تطبيقك يعمل—تأكد من أنه خالٍ من الأخطاء، آمن، وسهل الاستخدام من خلال الاختبار الاحترافي. 🚀

لماذا يُعد الاختبار بواسطة طرف ثالث ضروريًا لتطبيقك وموقعك الإلكتروني

نحن مستعدون لاختبار وتقييم وإعداد تقارير عن تطبيقك أو نظام ERP الخاص بك أو سير عمل العملاء.

نحن نقدم لك تقارير مفصلة تشمل جميع نتائجنا، بما في ذلك الأخطاء، مشكلات الأمان، وقابلية الاستخدام...

اتصل بتا الآن







Open-source Apps

9,500+

Medical Apps

500+

Lists

450+

Dev. Resources

900+

Read more